الجمعة، 19 أغسطس 2011

بشـر .. قصة قصيـرة

استيقظ عمر فى السابعة صباحاً وكعادته جلس قليلاً على حافة فراشه كى يـُقنع نفسه بأنه قد نام وقتاً كافيـاً ليتحمل عناء يومه من مواصلات وإستيعاب لمشاكل أصدقائه وتناقضاتهم , وليتحمل عناء ما يراه دائماً من حماقات الدنيا .

نظر عمر إلى مكتبه ومد يده وأخذ هاتفه ليرى هل كان هناك مكالمات فائتة أم لا ,
وكالعادة لم يجد أية مكالمات ,, فنهض وتوضأ وصلى فرضه
وأحضر لنفسه كوباً من الشاى وجلس يرتب أولويات يومه ويفكر ماذا يفعل بعد أن يعود من الجامعة .. وماذا عن وقت الظهيرة .. وماذا عن المساء .. هل سأخرج مع أصحابى .. أم سأقضيه فى المنزل مع كتاب ما .

وأخذ يُحدث نفسه .. أولاً سأذهب إلى الجامعة , أعرف أنه يوماً مكرر منذ المرحلة الإبتدائية سئمت من العيش فيه ولكنى مجبراً , أرى فيه أساتذة يحلقون فى أسقف المدرج فقط ولا أرى أحداً منهم يُحلق يوماً فى سقف هذا العالم الغريب ويجعلنا نُحلق معه بخيالنا , لم أسمع أحداً منهم يوماً يحثنا على القراءة , بل أسمع منهم دائماً المقرر فقط , وربما " تحبوا تسمعوا الشرح ولا تكتبوا " .. وكفى ذلك حتى لا تصابوا باليأس ربما منكم من سيلتحق بالجامعة قريباً , ونصيحتى لمن سيلتحق قريباً أن يحلق فى السماء ولا ينتظر أحداً يُحلق معه " حلـّق بتأملاتك وذاتك وقراءاتك ولا تحزن أنك وحيداً , سيأتى اليوم الذى يُحلق الأخرين خلفك , وينتظرون إرشادك "

هذه هى ساعات الجامعة الأولى .. نأتى لساعاتها الأخرى التى تكفى بأن تجعل منك رجلاً حكيماً وفيلسوف عصره وزمانه وهذا فى حالة أن يكون شخصك ذو طبيعة متأملة مثلى حينها سترى مجموعة من التناقضات المجتمعية الرهيبة التى تندهش لحدوثها من الطلبة وكذلك الأساتذة .

و عند عودتى من الجامعة سأستريح قليلاً لأننى مدعو على العشاء مع أصحابى ولكننى لم أعد أحب الخروج معهم .. أصبحوا تملئهم الخطايا والتناقضات ( فمنهم من يهوى معاكسة الفتيات ولا يرضى ذلك لأخته , وأخر فى دوامة المزاج ويهوى التدخين , وأخر حاد فى أفكاره ولا يتقبل الرأى الأخر , وأخرى أصبحت تفعل كل ما تهوى لمجرد كلمة والدتها " بعد ما تتخطبى بإذن الله ابقى البسى النقاب " بعدما طلبت منها أن ترتدى النقاب أسوة بها فرفضت والدتها أن ترتديه فى ذلك الوقت وأصبحت هذه الفتاة مُقتنعة بأن مرحلة ما قبل الزواج لا تقيدها قيّم , وأخرى من كثرة تهميشها فى المنزل وعدم أخذ رأيها فى القرارات التى تخصها , حتى فى حديثهم عن المستقبل فدائماً ما يفرضون تصوراً غريباً لمستقبلها دون أخذ رأيها فى الإعتبار , فبدأت تنسحب من وجودها المنعدم فى البيت لتصبح صاحبة القرار فى علاقة شبه بريئة على الإنترنت , تحدث شخص ويحدثها , تحكى له ويواسيها ويحكى لها وتشاركه وربما تنجرف بهم العاطفة النابعة من الشعور بالحاجة , ويتعلقا ببعض فى حين رؤيتهم إستحالة تحقق ما يتمنوه . )
حدثتهم كثيراً فى حياتهم هذه ولكن لا حياة لمن تنادى !

فى ظل هذا التأمل العميق لأيامه العقيمة .. انتهي عمر من كوب الشاى وجلس يقرر .. ماذا يفعل ؟
وانتهى بقراره الحاسم ألا يذهب الجامعة اليوم وألا يخرج مع أصحابه وقرر أن يقضى يومه كله فى القراءة , فهو بدأ يقتنع تماماً بمقولته التى اعتاد قولها عن القراءة " لم أعد أرى إبتسامتى إلا عندما اقرأ .. حينها أرى العالم من على قمم عالية فتنكشف لى كل روائعه وحماقاته وتزداد تفاصيلها الدقيقة فأجتاز مرحلة الإبتسامة وتتعالى ضحكاتى . "

وحتى القراءة أيضاً .. بدأ ينزعج منها لوجود تحرر وإباحية غير مُبررة فى بعض الروايات , ولا يعلم سبب وجود تلك الحماقات فى الكتب التى من المفترض أن تكون وسيلة للتنوير والمعرفة .

وظل منغمساً فى القراءة إلى أن غلبه النوم ..!

ثم استيقظ .. على أذان صلاة العصر , وكان من المفترض أن يذهب للصلاة فى المسجد كالمعتاد ولكن عزيمته ضعفت أمام إستكمال المقطوعة الموسيقية التى كان يسمعها أثناء فترة قراءته ونومه .

وبعدها ...

تأمل فعلته هذه للحظات .. وانزعج كثيراً لها , وارتفع صوت ضحكه وردد بصوت عالى
كل يوم أحلم بالمدينة الفاضلة .. وكل يوم أصحى ألاقى انا وكل الناس " بشر "


هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

اولا القصه مبدئه جميله جدا وليها معنى كبير
ربنا معاك يا كبير ويوفقك
بس ابقي اقراء كتب للقصص القصيره هتفيدك في هذا النوع من الكتابات وربنا مع الجميع
________________________________________________________